لهيب الصحراء - تحديات أبي مصعب [ 26 ]
رواية لهيب الصحراء هي حكاية عن مقاتل داعشي يراجع أفكاره خلال عملية بين ليبيا والمغرب حين يكتشف فساد أفكار داعش، وتحكم بعض الأنظمة العربية فيها. خلال رحلة أبي حفص عبر صحراء ليبيا، متوقفا في مخيمات تيندوف في الجزائر، يكتشف العلاقات السرية بين أمير داعش في ليبيا والمخابرات الجزائرية. يجد أبو حفص نفسه في مواجهة التناقضات التي يرزح تحتها الفكر الداعشي، وكيف أن القادة يصطادون الشباب مستغلين لحظات ضعفهم الإنسانية لملئ رؤوسهم بأفكار متطرفة وفاسدة. حين يقرر أبو حفص التخلي عن العملية والهروب من سجن أفكار داعش، يجد أمامه ضابطا من المخابرات الجزائرية لهما معا تاريخ مشترك، وعندها تبدأ المواجهة، ويشتعل اللهيب في الصحراء.
[ 26 ]
كان أبو مصعب ما يزال أسير بوح أبي حفص، يقلب في صفحات مذكراته، حين باغته صوت صفير رصاصة تبعه صوت انفجار ومالت بهم السيارة قبل أن يتمكن السائق من إمساك المقود بقوة وايقافها ليمنعها من الانقلاب.
قفز أبو مصعب من السيارة وزحف إلى الجانب الآخر ليحتمي خلف العجلة، ولحق به السائق وخبير المتفجرات، هروبا من سيل الرصاصات المنطلق.
نزل الرجال من السيارة الثانية وبدؤوا يتبادلون إطلاق النار مع المهاجمين الغامضين.
”من هؤلاء؟“
قال أبو مصعب وهو يرفع رأسه ويطلق بضع طلقات من مسدسه، ثم عاد للاحتماء منتظرا الرد من خبير المتفجرات الصحراوي.
رفع الشاب رأسه متلصصا، ولم ير شيئا مميزا. عاد للاحتماء بجانب السائق ورفع كتفيه لأبي مصعب.
”لا أعرف. قد يكونوا إحدى عصابات الاتجار في البشر، أو ربما إحدى خلايا القاعدة.“ صمت مفكرا، ثم أكمل حديثه. ”ربما اعتقدوا أننا سياح تاهوا عن الطريق.“
رفع أبو مصعب رأسه من جديد للإطلاق من مسدسه، ولاحظ أن الرصاص المتطاير في اتجاههم لم يصل لبدن السيارة.
”يبدو أن السيارتين أسالتا لعابهم، ولم يتوقعوا أن نكون مسلحين.“
قال أبو مصعب للرجلين بجانبه، وفتح باب السائق متسللا ليتلقط حقيبته، ثم عاد للاحتماء خارج السيارة وأخرج من حقيبته قنبلة يدوية.
أشار للرجال المحتمين بالسيارة الأخرى أن يتوقفوا عن إطلاق النار في انتظار إشارته، وأن يحافظوا على هدوءهم والانتظار حتى يخرج المهاجمون من مكمنهم.
توقف إطلاق النار أخيرا. بقي الرجال متحفزين، وانتظر أبو مصعب قليلا، ثم ألقى نظرة خاطفة من أسفل السيارة فرأى مجموعة من الأقدام تقترب. أعاد تلقيم مسدسه ثم نزع مسمار القنبلة ورماها إلى ما وراء السيارة.
دوى الانفجار وتطايرت الأشلاء، فأشار أبو مصعب إلى الرجال للهجوم، فانطلقوا جميعا محتمين بداية بسحابة الرمال، وبدأ الرصاص يتطاير من الجانبين.
أحس أبو مصعب برصاصة تحتك بكتفه وأخرى تصفر بجانب أذنه، لكنه واصل تقدمه نحو السيارة الثانية، وحين وصلها انطلق بها في اتجاه المهاجمين، يقود بيد واحدة ويطلق رصاصات مستهدفة بيده الأخرى، حتى وصل إلى الكثبان الرملية حيث يختفي المهاجمون، فلم يجد هناك سوى الجثث، ورأى سيارة جيب قديمة تفر بعيدا. استدار إلى الوراء يشير لرجاله بالتوقف. كرر صراخه أكثر من مرة قبل أن يتوقف إطلاق الرصاص في اتجاهه. حرك بعض الجثث وقلب في جيوبها. لم يجد ما يكشف عن هويتهم. ركل إحدى الجثث ثم ركب السيارة عائدا وعروق وجهه تكاد تنفجر من ضغط الدماء غضبا من هذا الطارئ غير المتوقع، وحين اقترب من الوصول لاحظ أمرا ما كان ليتخيله حتى في أشنع كوابيسه.